سورة الأنعام - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وهو الذي يتوفاكم بالليل} يقبض أرواحكم في منامكم {ويعلم ما جرحتم} ما كسبتم من العمل {بالنهار ثمَّ يبعثكم فيه} يردُّ إليكم أرواحكم في النَّهار {ليقضى أجل مسمى} يعني: أجل الحياة إلى الموت، أَيْ: لتستوفوا أعماركم المكتوبة.
{وهو القاهر فوق عباده} مضى هذا {ويرسل عليكم حفظة} من الملائكة يحصون أعمالكم {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا} أعوان ملك الموت {وهم لا يفرطون} لا يعجزون ولا يُضيِّعون.
{ثم ردوا} يعني: العباد. يُردُّون بالموت {إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم} أَي: القضاء فيهم {وهو أسرع الحاسبين} أقدر المجازين.
{قل من ينجيكم} سؤال توبيخٍ وتقريرٍ. أَيْ: إنَّ الله يفعل ذلك {من ظلمات البر والبحر} أهوالهما وشدائدهما {تدعونه تضرعاً وخفية} علانيَةً وسرَّاً {لئن أنجانا من هذه} أَيْ: من هذه الشَّدائد {لنكوننَّ من الشاكرين} من المؤمنين الطَّائعين، وكانت قريش تسافر في البر والبحر، فإذا ضلُّوا الطَّريق وخافوا الهلاك دعوا الله مخلصين فأنجاهم، وهو قوله: {قل الله ينجيكم منها...} الآية. أعلم الله سبحانه أنَّ الله الذي دعوه هو ينجِّيهم، ثمَّ هم يشركون معه الأصنام التي قد علموا أنَّها من صَنعتهم، وأنَّها لا تضرُّ ولا تنفع. والكرب أشدُّ الغمِّ، ثمَّ أخبر أنَّه قادر على تعذيبهم.


{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم} كالصَّيحة، والحجارة، والماء {أو من تحت أرجلكم} كالخسف والزَّلزلة {أو يلبسكم شيعاً} يخلطكم فرقاً بأن يبثَّ فيكم الأهواء المختلفة، فتخالفون وتقاتلون، وهو معنى قوله: {ويذيق بعضكم بأس بعض. انظر كيف نصرِّف} نُبيِّن لهم {الآيات} في القرآن {لعلهم يفقهون} لكي يعلموا.
{وكذَّب به} بالقرآن {قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل} بمسلَّط أَيْ: إنَّما أدعوكم إلى الله، ولم أُومر بحربكم، ولا أَخْذكم بالإِيمان، وهذا منسوخٌ بآية القتال.
{لكلِّ نبأ مستقر} لكلِّ خبرٍ يخبره الله وقتٌ ومكانٌ يقع فيه من غير خلف {وسوف تعلمون} ما كان منه في الدُّنيا فستعرفونه، وما كان منه في الآخرة فسوف يبدو لكم. يعني: العذاب الذي كان يعدهم في الدُّنيا والآخرة.
{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} بالتَّكذيب والاستهزاء {فأعرض عنهم} أمر الله تعالى رسوله عليه السَّلام فقال: إذا رأيت المشركين يُكذِّبون بالقرآن، وبك، ويستهزئون فاترك مجالستهم {حتى يخوضوا في حديث غيره} حتى يكون خوضهم في غير القرآن {وإمَّا ينسينَّك الشيطان} إنْ نسيت فقعدت {فلا تقعد بعد الذكرى} فقم إذا ذكرت، فقال المسلمون: لئن كنَّا كلَّما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، وأن نطوف بالبيت، فرخَّص للمؤمنين في القعود معهم يُذكِّرونهم فقال: {وما على الذين يتقون} الشِّرك والكبائر {من حسابهم} آثامهم {من شيء ولكن ذكرى} يقول: ذكِّروهم بالقرآن وبمحمَّد، فرخَّص لهم بالقعود بشرط التَّذكير والموعظة {لعلَّهم يتقون} لِيُرجى منهم التَّقوى.


{وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً} يعني: الكفَّار الذين إذا سمعوا آيات الله استهزؤوا بها وتلاعبوا عند ذكرها {وذكِّر به} وعِظْ بالقرآن {أن تبسل نَفْسٌ بما كسبت} تُسلم للهلكة، وتحبس في جهَّنم فلا تقدر على التَّخلص، ومعنى الآية: وذكرِّهم بالقرآن إسلام الجانين بجناياتهم لعلَّهم يخافون فيتَّقون {وإن تعدل كل عدل} يعني: النَّفس المُبسلة. تفدِ كلَّ فداء. يعني: تفدِ بالدُّنيا وما فيها {لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا} أُسْلِموا للهلاك {لهم شرابٌ من حميم} وهو الماء الحارُّ.
{قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} أنعبد ما لا يملك لنا نفعاً ولا ضرَّاً؛ لأنَّه جماد؟ {ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} نردُّ وراءنا إلى الشِّرك بالله، فيكون حالنا كحال {الذي استهوته الشياطين في الأرض} استغوته واستفزَّته الغِيلان في المهامة {حيران} متردِّداً لا يهتدي إلى المحجَّة {له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا} هذا مثَلُ مَنْ ضلَّ بعد الهدى، يجيب الشَّيطان الذي يستهويه في المفازة، فيصبح في مضلَّة من الأرض يهلك فيها، ويعصي مَنْ يدعوه إلى المحجَّة، كذلك مَنْ ضلَّ بعد الهدى {قل إنَّ هدى الله هو الهدى} ردٌّ على مَنْ دعا إلى عبادة الأصنام، أَيْ: لا نفعل ذلك؛ لأنَّ هدى الله هو الهدى لا هدى غيره.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8